يأتي يوم مولدي مرة واحدة كل عام . يأتي و يمضي دونما صخب كبير ـ بالحقيقة ـ ولا قليل . لم أكن أعيره اهتماماً أو التفاتاً .. و تعود من حولي على ذلك
لكنني في هذا العام أشعر أن هناك ما هو جدير بالتوقف ـ و لو قليلاً ـ لإلقاء نظرة على ما حدث .. هل تعلمون ما الذي حدث ؟
إنه الزمن .. شعرت اليوم ـ لأول مرة ـ أنني سرقت ، و أن الذي سرق مني ـ بطبيعة الحال ـ لن يستعاد
ثلاثون عاماً مضت و أنا ما زلت هنا ، أكتب حيناً و أصمت أحايين كثيرة .. ثلاثون عاماً و صوري مفقودة و ضائعة .. تخيلوا أن أعوامي الثلاثين لا أحتفظ منها سوى بصور تعد على أصابع اليد الواحدة
ضاع مني زملاء الطفولة و الدراسة و اللعب ، تاهت مني في دهاليز الأعوام ضحكات مع الجيران ، و ذكريات مع الأصحاب ، و أسرار البراءة و دهشة الحكايات الصغيرة في عيون الرفاق
انفلتت من بين ضلوعي حرارة كانت في الصدر تجاه الأحبة ، و غابت عن عيني مشاهد البهجة البكر مع النفس و من هم أقرب إليها منها
ثلاثون عاماً صرت في نهايتها أنسى كثيراً جداً .. أضحك على نفسي و أسخر منها كلما نسيت ما لا يمكن نسيانه .. أو حاولت تبرير ذلك
باليوم الأول في العام الأول بعد الثلاثين .. أنظر للغد المقبل ـ إن أتى ـ بعين جديدة ، و روح أظنها قادرة على مواجهة ما سيكون
إن كان ما مضى لا يعود ، فإن الآتي لن يصير له ما صار قبله
يا عين احفظي ماءك ففي العمر متسع من شقاء و فرح .. و يا قلب افسح للذي يأتي و لا تقسو عليه
فيا كل الأحبة و الأصدقاء ، و يا كل من عرفتهم أو لم أعرفهم بعد .. إذا قرأتم ما كتبته هنا فقولوا لي : كل سنة و انت طيب .. فهذا سيسعدني كثيراً